عريفة الحكمان

عذراً آبائي عذراً إخوتي إن كنت سأتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعت حول هذا المسمى( عريفة الحكمان) الذي أسقط منذ أكثر من ثلاثين عاما في ظروف غامضة لا يعلمها سوى آباء لنا انتقلوا للرفيق الأعلى وآخرون يكنونها بداخلهم لا زالوا على قيد الحياة.
قد لا يعير بعضنا اهتماماً للموضوع خصوصاً من هم من فئة الشباب ومتوسطي الأعمار لعدم معاصرتهم تلك الفترة الزمنية عندما كان (العريفه) له صولاته وجولاته مسانداً لشيخ القبيلة في إحقاق الحق وإزهاق الباطل ، وآبائنا يعلمون أهمية دوره خصوصاً وأنهم عاصروا تلك الفترة والتي بعدها عاشت القرية دوامه من الحيرة لعدم التوافق على شخص يكون خليفة له والاعتماد على شيخ القبيلة الذي يتوزع اهتمامه على كل قرى القبيلة.
ومنصب أو مسمى العريفه قديم جدا ومعروف لدى القبائل الجنوبية عامة ويسمى لديهم بــ (النائب) ولولا دوره الفعال في أمور ومتطلبات الحياة اليومية لأهالي القرى لما اهتمت جميع قرى القبائل بضرورة وجوده. وبعد مرور هذه الفترة الزمنية الطويلة ، ألم يحن الوقت للالتفاف حول احد رجالات القرية أو انتخاب احدهم ممن يشهد له بالحيادية والتقوى والتفاني في خدمة القرية واختياره لهذا المنصب أسوة بقرى بلاد زهران ليقوم بدوره في أمور تتعلق بخدمة أهالي قريته ومن أهمها:
1- التقدم أمام الأهالي في المناسبات العامة في حالة غياب شيخ القبيلة أو انشغاله.
2- المطالبة باحتياجات القرية من خدمات لدى الدوائر الحكومية كمساند لشيخ القبيلة.
3- فك النزاعات إن وجدت بين الأهالي.
4- تلمس احتياجات الأهالي عن قرب ، المادية منها والمعنوية .
5- القيام بإصلاح ذات البين بين الأسر.
6- تقديم المشورة لشيخ القبيلة في حالة احتياجه لها بحكم قربه واحتكاكه اليومي الأهالي.
7- ترجيح كفة الرأي فيما يتخذه الأهالي من قرارات تهم القرية وأبنائها.
والقائمة تطول لكن تلك هي أبرز النقاط.


وللدلالة على أهمية وجود مسمى أو منصب (العريفه) لدى القرى ببلاد زهران إليكم هذا الخبر الصحفي الوارد بجريدة الاقتصادية السبت 21 / 11 / 1428
، عن انتخاب عريفة لقرية ( المحاميد) ببالخزمر :
(انتخابات العريفة في قرية المحاميد ببالخزمر.. ديمقراطية على الطريقة الخاصة )
سجلت إحدى قرى الباحة سابقة فريدة من نوعها لانتخاب عريفة للقرية عن طريق تصويت الأهالي ، وذلك بمتابعة من إمارة المنطقة ومركز الشرطة لأول عملية انتخابية رسمية للعريفة في المملكة.
وأسهم عدد كبير من عرفاء القرى في منطقة الباحة وفي بلاد غامد تحديدا في الأمور الاجتماعية بشكل فاعل تمثلت في تحديد سقف أعلى لمهور الزواج حيث لا يتجاوز 30 ألف ريال بعد أن تجاوزت في السابق سقف الـ 100 ألف ريال خلاف الكسوة لأفراد عائلة العروسة والتي مثلت عائقا كبيرا في السابق مما حدا بالبعض إلى الزواج من خارج المنطقة, واتجهت عدد من القرى إلى سن قوانين جديدة داخل إطار القرية تمثلت في منع المطربات واقتصار الأفراح على أهل بيت العريس والعروسة مما حد من التكاليف الباهظة وأسهم في زواج الكثيرين. ويقوم العريفة في القرى جنوب المملكة بعدد من المهام والمسؤوليات تتعلق بحل النزاعات بين أفراد القرية، ويعد تدخل العريفة مرضيا لجميع الأطراف نظرا لتمرسه في حل النزاعات واتخاذ القرارات المصيرية التي تهم أفراد القبيلة وما يتمتع به عادة من نظرة صائبة وقرارات حكيمة, ويمثل حلقة الوصل بين الأجهزة الحكومية والأفراد, كما يقوم بالتخاطب مع الجهات الحكومية في الأمور التي تتعلق بالقرية.ويمثل العريفة القرية في الاحتفالات والمناسبات وحتى واجب العزاء لدى القرى المجاورة والتي ترتبط بعلاقات أسرية واجتماعية مع القرى المجاورة.
وتعد العرافة من التقاليد القديمة والمتعارف عليها في القرى جنوب المملكة.وشهدت بعض القرى خلافات عائلية وأسرية في السابق لاختيار العريفة نظرا لرغبة البعض في كسب التأييد ونظرا لبعض الأطماع التي يمكن استغلالها من خلال السلطة الممنوحة لعريفة القرية, أو حتى أطماع اجتماعية تتمثل في كسب الوجاهة بين القبائل رغم ما يواجهه العريفة من متاعب ولكن كل تلك الأمنيات تصطدم برغبة أفراد القرية في اختيار الرجل المناسب الذي يحظى برضى الجميع لتسيير أمور القرية .


ولكم خالص التحية والتقدير.


سعيد بن سعد